الأعراض والعلامات
تبدأ أعراض التليف الرئوي بشكل تدريجي، وقد تمر عدة شهور قبل أن يلاحظ المريض تغيرًا واضحًا في قدرته على التنفس. من أكثر الأعراض شيوعًا ضيق النفس، الذي يظهر في البداية أثناء بذل الجهد مثل صعود الدرج أو المشي السريع، ثم يتفاقم ليصبح واضحًا حتى أثناء الراحة.
كما يعاني معظم المرضى من سعال جاف ومستمر، لا يكون مصحوبًا ببلغم غالبًا، لكنه مزعج ويؤثر على النوم. مع تطور المرض، يبدأ الجسم في إظهار علامات نقص الأوكسجين، مثل ازرقاق الشفاه أو أطراف الأصابع، بالإضافة إلى ما يُعرف بتشوه شكل الأظافر أو “تعجر الأصابع”، حيث تصبح أطراف الأصابع مستديرة وسميكة. يشعر المرضى أيضًا بإرهاق مزمن وضعف عام، وقد يُلاحظ فقدان الوزن مع الوقت.
كيف يتم التشخيص؟
تشخيص التليف الرئوي يعتمد على مزيج من الفحص السريري الدقيق واستخدام أدوات التصوير والفحوصات الوظيفية. غالبًا ما يبدأ الطبيب بتصوير شعاعي للصدر، وإذا أظهر الصورة وجود علامات تليف، يتم إجراء تصوير طبقي عالي الدقة (HRCT) وهو الأداة الذهبية في تشخيص هذا المرض، حيث يُظهر نمط التليف وتوزيعه بدقة.
ولفهم مدى تأثر وظائف الرئة، تُجرى اختبارات تنفسية تقيس كمية الهواء التي يمكن للرئة استيعابها وسرعة إخراجه، بالإضافة إلى قياس قدرة الرئة على نقل الأوكسجين إلى الدم. في بعض الحالات، تُجرى تحاليل دم للبحث عن مؤشرات أمراض مناعية، وقد يُلجأ إلى أخذ خزعة رئوية – سواء عبر تنظير القصبات أو جراحيًا – لتأكيد التشخيص واستبعاد الأمراض الأخرى المشابهة.
خيارات العلاج
رغم أن التليف الرئوي لا يمكن علاجه بشكل نهائي، إلا أن هناك العديد من الطرق التي تساعد في السيطرة عليه والحد من تدهوره اهمها:
البالون الكاشط:
يُعد من التقنيات الحديثة الفعالة في دعم المرضى المصابين بالتليف الرئوي، خصوصًا في المراحل المبكرة من التليف الالتهابي. يعمل هذا الإجراء على توسيع الشعب الهوائية المتضيقة نتيجة الالتهاب المزمن أو الانسداد المترافق مع التليف، مما يُحسّن تدفق الهواء ويُخفف من صعوبة التنفس بشكل مباشر. وقد بينت التجارب السريرية أن هذا التدخل يُساهم في تحسين وظائف الرئة، تقليل الأعراض التنفسية بشكل ملحوظ، والمساعدة على إبطاء او توقف تطوّر المرض . .
الخلايا الجذعية من نقي العظام:
تُعتبر خيارًا متقدمًا في بعض الحالات المنتقاة، خاصة عندما يكون التليف من النوع النشط أو الالتهابي. يتم سحب الخلايا الجذعية من نقي العظم تحت إشراف طبي، ومن ثم تُحقن بطرق مختلفة لتحفيز ترميم الأنسجة الرئوية وتعزيز الشفاء الذاتي للرئة. وقد أظهرت الدراسات العلمية والتجارب السريرية أن هذا النوع من العلاج يُساهم في تحسين وظيفة الرئة، تخفيف الالتهاب، وإبطاء او توقفه في بعض التدهور في بعض الحالات ..
البلازما (PRP)
جلسات البلازما الاستنشاقية (PRP) تعتمد على استخلاص البلازما من دم المريض نفسه، وتحضيرها بطريقة خاصة ثم إعطاؤها عبر الاستنشاق. تحتوي هذه البلازما على عوامل نمو طبيعية تُساعد على شفاء الأغشية المخاطية في المجاري التنفسية وتقليل الالتهاب المزمن. وقد أظهرت تجارب سريرية أن استخدامها المنتظم يُساهم في تخفيف الأعراض وتحسين جودة التنفس، خاصة في حالات التليف الخفيف إلى المتوسط .
أهمية دعم إجراء البالون الكاشط بالبلازما أو الخلايا الجذعية
بعد توسيع الشعب الهوائية عبر البالون الكاشط، تزداد قدرة الرئة على استقبال الأوكسجين والاستفادة من العلاجات الترميمية. وهنا تأتي أهمية جلسات البلازما والخلايا الجذعية من نقي العظم كمكمل علاجي يُعزز النتائج ويُساعد على استقرار التحسّن التنفسي.
حيث تُسهم جلسات البلازما في شفاء الأغشية المخاطية وتقليل الالتهاب وترميم الأنسجة التليفية الألتهابية ، بينما تعمل الخلايا الجذعية على تحفيز تجديد الأنسجة المتضررة داخل الرئة. وقد أثبتت الدراسات أن دمج احدى هذه العلاجات الترميمية بعد البالون يُساعد على تثبيت فاعلية التوسيع، وتوقف او تباطئ تدهور الحالة، وتحسين جودة التنفس بشكل ملحوظ .
المتابعة ونمط الحياة
الحفاظ على نمط حياة صحي يلعب دورًا مهمًا في تحسين الحالة العامة للمريض. من الضروري الإقلاع التام عن التدخين، وتجنب التعرض لأي ملوثات هوائية أو مواد كيميائية. يُنصح المرضى بالحصول على اللقاحات الموسمية، مثل لقاح الإنفلونزا ولقاح المكورات الرئوية، لتقليل خطر الإصابة بالعدوى التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة. كما أن الدعم النفسي من العائلة والفريق الطبي له دور كبير في مساعدة المريض على التأقلم مع المرض ومواصلة العلاج بشكل منتظم.